الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية ما الحلّ أمام ضعف قرطاج والقصبة وغطرسة دعاة الفوضـى والإرهـاب؟

نشر في  13 ماي 2015  (11:07)

بقلم: محمد المنصف بن مراد

تعيش تونس موجة من الاضرابات المدمّرة، فأيّ مواطن أو أيّة نقابة أو أيّة مجموعة بإمكانهم اكتساح الشّوارع وغلق المعامل والمؤسسات ثمّ حرق مراكز الأمن كما فعل ذلك «مجانين» في الفوار، فحرق الملك العمومي وخاصة مراكز الأمن جريمة تمسّ بالأمن القومي وتستنزف من مال المجموعة لبناء مركز جديد، كما تسمح للارهابيين والفاسدين بتمرير البضائع والأسلحة، فهل انّ الدولة ليس لها «امّالي» وهي في منتهى الضعف حتي تركعها عصابات لا يتجاوز عدد أفرادها العشرات أو تكبّلها بعض الاحتجاجات؟
أنا لست ضدّ المظاهرات السلمية التي يطالب فيها أصحابها ببعض الحقوق لأنّ الدستور والقانون والأخلاق تضمن ذلك وتكفله، لكنّي أرفض الهمجيّة وحرق المؤسسات العموميّة، ومنها المراكز والثكنات، كما أنّي ضدّ المسّ من حرية الشغل أو اجبار المعامل على اغلاق أبوابها وتعطيل نشاطها، فهذه  أخطاء أو جرائم موصوفة تدلّ على انّ  سياسة الترويكا زرعت بذور انهيار الدولة المدنية وبشرت بحالة من الاحتقان وتحكم الجهلة والعنيفين والمجرمين في دواليب الدولة!  لقد شاهدنا رئيسا مؤقتا يستقبل لجانا تدّعي حماية الثورة ويقبل الإهانة من أمير قطر، كما شاهدنا حكومة همّها الوحيد مساندة الحركات العنيفة واحتلال الوزارات والمؤسسات والمساجد بل بلغ بها الأمر حدّ التبشير بالخلافة السادسة، كما فتحت الأبواب للفوضى والعنف والارهاب وللأوساخ وللمهرّبين المجرمين والميليشيات والافلاس الاقتصادي.. ثمّ جاء المهدي جمعة وتحسنت الأحوال نسبيّا، ولكنّ خطأه الأكبر انّه اهتمّ بالاقتصاد من زاوية البنك العالمي ولم يغيّر الكثير.. ثم جاءت حكومةالحبيب الصيد واندلعت الاضطرابات والاضرابات غير أنّ هذه الحكومة لم تكن لها مواقف شجاعة وحازمة، فهي تتفاوض تحت الضغط ومن موقف الضعف وتقبل كل الطلبات ـ مهما كانت مشطّة ـ  وتعوّل خاصّة على التداين لدعم الأجور  والزيادات، في حين كان من المفروض ألاّ تتنازل وألاّ تدفع معلوم أيام الاضرابات حتى لا يتواصل ابتزازها.. انّي مع المفاوضات مع اتحاد الشغل في إطار عام يحمي المقدرة الشرائية للعمال والموظفين وصغار الفلاحين لكنّي أرفض تهاطل الاضرابات وتكبيل نشاط المؤسسات، ولقد كان من الأنسب فرض العدالة الجبائية على المتهرّبين من الأداءات، واثر ذلك لا بأس من الحديث عن الزيادات..  ففي أي بلاد في العالم غير التي لا يعترف فيها بالقانون، تجري أحداث كالتي جرت بالفوار ويحرق مركز أمن؟! ولئن كان هناك متظاهرون دون خلفيات فمن هي الأطراف التي تقف وراء تلك الأعمال الاجرامية التي تهدّد كيان الدولة وتقترفها مافيات التهريب والمتحالفون مع الارهاب؟ مع التذكير بأنّه وخلال أعمال الشغب التي جدّت منذ أشهر في الجنوب، شاهدنا «سياسيين» ومن بينهم عماد الدايمي يدافعون عن المتظاهرين والبعض منهم أحرق مؤسّسات عمومية! وما دامت الدولة التونسية ضعيفة ولا تحاسب الضّالعين في اشعال نيران الفتنة، لن تعرف تونس الاستقرار ولا الأمن ولا رفاهة العيش ولا الديمقراطية.. أنا لا ألوم المتظاهرين النزهاء بل السياسيين الاجراميين وكبار الفاسدين والمهرّبين الذين يعملون ليلا نهارا على تدمير الدولة وتعويضها بحكم «مافيوزي» ما انفكّت تبرز معالمه، وكم يؤلمني أن أرى حكومة الحبيب الصيد تركع أمام الطلبات والحال انّ الصندوق فارغ (أيّ خزينة الدولة خاوية). فترى وزراءها يستقبلون كل من يتظاهر أمام الوزارة من ذلك أنّنا شاهدنا وزير الشؤون الدّينية ـ على سبيل المثال ـ يستقبل الأيمّة المتشدّدين ويمضي على وثيقة معهم و«يتفهّم» مطالبهم! يا للكارثة!

وأمام هذا الضعف الفادح الذي لا يفرّق بين المطالب المشروعة والسلمية والتي لا تكبّل مصالح البلاد والعباد، وبين اشعال نيران الفتنة من قبل أحزاب مجرمة وشخصيات تدعو الى حرب أهلية ضدّ السلطة، فانّ تونس ـ ورغم بعض المجهودات الحكومية ـ متجهة نحو «الكارثة» في انتظار عمليات ارهابيّة قد تستهدف السجون أو المراكز أو مؤسسات كبرى وحتى نزلا!
والسؤال المطروح: ما الحلّ أمام ضعف قرطاج والقصبة، وغطرسة دعاة الفوضى والارهاب والتشدّد؟
مسكينة تونس إذا لم يتجنّد لها أبناؤها!